Posts Tagged ‘صحيفة هيرالد تريبيون’

كلود شتراوس‏ و اصل ‏الانسان و الباك الإسلامي و العقل الهمجي‏

نوفمبر 7, 2009
   
  حظر استخدام الغاز المسال لأغراض الطبخ بالمشاعر المقدسة  
     
 
حظر الغاز المسال بالمشاعر المقدسة
 
     
     
  الرياض: صدرت موافقة الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا على استمرار حظر استخدام الغاز المسال لأغراض الطبخ بمنطقة المشاعر المقدسة خلال موسم حج هذا العام 1430هـ.

أوضح ذلك الفريق سعد بن عبدالله التويجري مدير عام الدفاع المدني ، مشيرا إلى أن استمرار منع الغاز في الطبخ بالمشاعر المقدسة لهذا العام يأتي وفق ما ثبت لوزارة الداخلية ممثلة في المديرية العامة للدفاع المدني من آثار إيجابية لهذا المنع؛ نظراً لما يشكله من خطورة على ضيوف بيت الله الحرام.

ونقلت وكالة الأنباء السعودية “واس” عن الفريق التويجري قوله :” إن هناك تنسيقاً مع جميع الجهات الأمنية لمنع دخول الغاز للمشاعر المقدسة، إضافة إلى قيام فرق السلامة بالدفاع المدني بالحج بجولات تفتيشية داخل المخيمات للتأكد من خلوها من إسطوانات ومواقد الغاز وضبط المخالفين ومصادرة ما بحوزتهم وتطبيق الغرامات المالية المقررة لهذه المخالفة، بالإضافة إلى أن هذا المنع يسري على جميع مباني ومخيمات الجهات الحكومية داخل المشاعر بدون استثناء”.

ولفت إلى أن انخفاض معدل المخالفات خلال الأعوام الماضية يأتي نظراً لارتفاع مستوى الوعي لدى الحجاج والمواطنين وكذلك الرقابة والمتابعة من قوات الأمن والجهات المسؤولة عن تنفيذ هذا القرار.

وأكد مدير عام الدفاع المدني همية دور وسائل الإعلام التي تفاعلت بشكل كبير في السنوات الماضية في الاستمرار في التنويه عن مخاطر مخالفة تعليمات الدفاع المدني وتكثيف برنامج التوعية لرفع مستوى الوعي لدى ضيوف الرحمن بما يحقق أمنهم وسلامتهم.

وجه في الأنباء
كلود شتراوس‏..‏ أسطورة متعددة الوجوه‏

كتبت : هناء دكروري‏

شتراوس

‘‏العالم ليس سوي ذريعة للإنسان ليفكر وينطلق في أفكاره‏’‏ كان ذلك هو الشعار الذي تبناه كلود ليفي شتراوس مؤسس علم الانثربولوجيا الحديثة‏,‏ وأحد أبرز مفكري فرنسا في القرن العشرين والذي رحل عن عالمنا مؤخرا قبل أسابيع من عيد ميلاده الواحد بعد المائ‏,‏ة وبعد حياة حافلة بالاكتشافات والتحليلات والنظريات التي أثارت جدلا واسعا ليس فقط في فرنسا بل في العالم‏.‏

وما يميز شتراوس الذي لقب بشيخ الأكاديميين أن تأثيره أمتد ليتجاوز المهتمين بتخصصه ليصبح عالم الانثربولوجيا الأشهر بين غير المتخصصين‏.‏ويرجع ذلك لكونه مؤسس الحركة الفكرية المعروفة ب‏’‏البنيوية‏’‏والتي انتشرت في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات‏.‏ويصف كثيرون شتراوس بانه كان أخر الأحياء من عظماء عصر الفكر الذهبي لأوروبا وعادة ما يشبه بكبار المفكرين الفرنسيين من أمثال بول سارتر وسيمون دي بوفوار وجاك دريدا الذين أمتد تأثيرهم لمجتمعات أخري لكونهم فلاسفة بالمعني الأشمل والأوسع للكلمة وليسوا مجرد فلاسفة أكاديميين كالمتعارف عليهم في بريطانيا وأمريكا‏.‏

ولقد أسهم شتراوس بصورة كبيرة في تغيير الطريقة التي ينظر بها الناس بعضهم إلي بعض‏,‏ ونجح في كسرالنظريات التقليدية المتبعة في تحليل الأساطير وبالتالي شرح الحضارات القديمة‏.‏ كما كرس الكثير من اعماله للدفاع عن المجتمعات البدائية وتغيير نظرة الغرب المتعالية ازائهم‏.‏

ولد شتراوس في‏28‏ نوفمبر‏1908‏ في العاصمة البلجيكية بروكسل لوالدين فرنسيين من أصل يهودي‏.‏وكان والده رساما وقد ورث شتراوس عنه التذوق الفني‏,‏ فكان مولعا بالموسيقي والفن التشيكلي والآداب وهو ما يظهر جليا في كتبه ليس فقط في تلك التي ألفها عن الفنون التعبيرية والموسيقي‏,‏ ولكن في كتبه العلمية التي تتميز بلغتها الشعرية‏.‏ ومن بروكسل انتقل شتراوس مع اندلاع الحرب العالمية الأولي للإقامة مع جده في العاصمة الفرنسية باريس‏.‏ ودرس الفلسفة والقانون في جامعة السوربون‏.‏ كما أبدي اهتماما كبيرا بنظريات فرويد في علم النفس وبالماركسية‏.‏ وفي تلك الفترة تلقي شتراوس دروسا في علم النفس لدي الفرنسي جورج دوما المفتون بالبرازيل والذي عمل علي تأسيس جامعة ساو باولو هناك‏.‏ ولدي اختيار بعثة فرنسية من الأساتذة للالتحاق بالجامعة كان شتراوس أول المغادرين علي متن باخرة وعمل علي مدي اربع سنوات بتدريس علم الاجتماع‏.‏

وجاءت نقطة التحول في حياة العالم متعدد المواهب في عام‏1938‏ عندما استقال من جامعة ساو باولو لاشباع اهتمامه الجديد بعلم الانثربولوجيا وبدأ بعثة استكشافية علي مدي عام قامت بتمويلها الحكومة الفرنسية لدراسة القبائل المحلية في منطقتي الامازون ومانو جروسو‏.‏

وفي أواخر الثلاثينيات رجع شتراوس إلي فرنسا وشارك في المجهود الحربي إلا أنه اضطر للهروب إلي الولايات المتحدة خوفا من الاضطهاد العنصري في ظل حكومة فيشي‏.‏وفي نيويورك تأثر شتراوس كثيرا بعالم اللغويات المعروف رومان جاكسون صاحب نظرية البنيوية في اللغة وكان لقاءه بجاكسون لقاء حاسما غير مجري حياته كما اعترف شتراوس بذلك فيما بعد‏.‏ فقد كشف له جاكسون عن أنه يمكن دراسة المجتمع كما تدرس اللغة‏.‏ فعادات المجتمع وتقاليده هي أيضا لغة وترمز إلي شيء آخر يقبع تحتها او خلفها هو‏:‏ البنية‏.‏

وهكذا وضع شتراوس الأساس لاستحداث البنيوية في الانثربولوجيا حيث يري ان‏’‏ العقل البشري يتعامل مع وحدات ذات بنية منظمة من المعلومات التي تتشابك لإيجاد نماذج تستخدم احيانا لتفسير العالم الذي نعيش فيه واحيانا اخري لطرح بدائل جديدة او ابتكار ادوات تمكنا من التعامل مع العالم حولنا‏’‏ وهكذا أصبح لكلمة بنيوية معني آخر لدي ليفي شتراوس‏.‏ فهو يقصد بها ثوابت الطبيعة البشرية أي أن الطبيعة البشرية واحدة علي الرغم من اختلاف الأجناس والمجتمعات البشرية البدائية أو الحضارية‏.‏ ولكن الإنسان هو الإنسان في كل مكان‏.‏ فهو يحب ويكره أو يغبط ويحسد أو يصادق ويعادي في كل مكان‏.‏

وبعد عودة شتراوس من نيويورك إلي فرنسا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية حصل علي الدكتوراه و بدأ في نشر سلسلة من الكتب العلمية البالغة الأهمية في مقدمتها‏’‏ المدارات الحزينة‏’‏ الذي يعتبر بمثابة تحفته الفنية ويرتكز علي البعثة التي قام بها في شبابه لدراسة قبائل الهنود الحمر في البرازيل‏.‏وخلال الكتاب يقوض شتراوس الاعتقاد السائد حينذاك بان المجتمعات البدائية تفتقر إلي الذكا والخيال والمنطق وتعتمد في منظورها للحياة والدين علي ارضاء احتياجاتها الملحة للطعام والملبس والمأوي‏.‏ ودافع شتراوس عن تلك المجتمعات أو‏’‏ العقل الهمجي‏’‏ هو عنوان اتخذه لأحد كتبه بالكشف عن أن أفرادها لا يسعون فقط وراء ارضاء احتياجاتهم المادية ولكن لديهم منطقا متطورا يحكم حتي سلوكهم وأساطيرهم الاكثر غرابة‏.‏

وبجانب هذا الكتاب الموسوعة ـ والذي يوصف بانه تأملات انثربولوجية وسيرة ذاتية فكرية ـ ترك شتراوس أضخم أعماله الاسطوريات والذي تتناول اجزاؤه الاربعة‏’‏ النيء والمطهو‏’‏و‏’‏من العسل إلي الرماد‏’‏و‏’‏أصل آداب المائدة‏’‏و‏’‏الانسان العاري‏’‏ بنية الأساطير في الامريكتين‏.‏وقد وصفت صحيفة هيرالد تريبيون الاجزاء بانها‏’‏ تفسير للعالم من خلال تحليل مئات الاساطير النابعة من قبائل وعادات مجهولة‏.‏

لقد ظل شتراوس ـ الذي شغل العديد من المناصب الرفيعة في فرنسا ـ متقد الذهن حريصا علي مواصلة الكتابة حتي بعد اعلانه تقاعده عام‏1982‏ وكان في الخامسة والسبعين‏.‏وقد نظمت فرنسا احتفالات واسعة النطاق لتكريمه العام الماضي بمناسبة بلوغه المائة وكأنها كانت علي موعد لتوديعه